الجمعة، 12 سبتمبر 2008

65 بليون دولار قيمتها في السوق.. والإنتاج العالمي 500 طن سنوياً الأمم المتحدة
: ازدياد تعاطي المخدرات الاصطناعية في دول الخليج
أفاد مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في تقرير له أمس أن تعاطي المخدرات الاصطناعية ''آخذ في التفاقم في الدول النامية، ومنها شرق وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط (خصوصا في دول الخليج)''. وأشار تقرير العام 2008 الصادر عن المكتب للوقوف على مدى انتشار تعاطي الأمفيتامين والميثامفيتامين والإكستاسي، إلى أنّ ''تناول هذه المخدرات، على أساس سنوي، يفوق تناول الكوكايين والهيروين معا، وتقدَّر السوق العالمية المنشطات الأمفيتامينية بقيمة 65 بليون دولار''.ولفت التقرير إلى أن ''آسيا، تدفع بتعدادها السكاني الضخم إلى زيادة الطلب على هذه المخدرات. ففي العام 2006 أبلغ نصف الدول الآسيوية تقريبا عن زيادة تعاطي الميثامفيتامين، وفي السنة ذاتها، ضبطت السعودية ما يزيد على 12 طنا من الأمفيتامين (معظمها في الشكل المعروف بالكابتاغون) وشكّلت هذه الكمية نسبة هائلة بلغت ربع جميع المنشطات الأمفيتامينية المضبوطة في العالم''، وفق التقرير.وتابع ''ارتفعت هذه الكمية مرة أخرى العام 2007 لتصل إلى 14 طنا تقريبا، وفي جنوب أفريقيا، سجّل عدد مختبرات الميثامفيتامين المضبوطة ارتفاعا مستمرا خلال السنوات الخمس الماضية، بينما زاد الاستهلاك المحلي''.المنشط الخطأ لمواكبة الزمن المتسارعمن جهته، نبّه المدير التنفيذي للمكتب أنطونيو ماريا كوستا، إلى أنّ ''المنشطات الأمفيتامينية تستعمل كمنشط رخيص وفي المتناول في زمننا هذا المتسم بالتسارع والتنافس، وذلك للتسلية في الملاهي الليلية، وزيادة القدرة على التحمّل في خطوط التجمع الصناعي وخلف عجلة القيادة (في الشرق)''.وحذّر كوستا من ''الاعتقاد الخاطئ بأنّ المخدرات الاصطناعية لا تؤذي، إذ يُقال إنّ الأقراص لا تقتل أو تنشر الأيدز وفيروسه''، معتبرا هذا الأمر ''يؤدي إلى التراخي في المواقف والسياسات وفي إنفاذ القانون، ويفضي بالتالي إلى تباطؤ التدابير العلاجية''.وقال ''هذا أمر محفوف بالمخاطر لأن المتعاطي وإن كان يشعر بمزيد من الطاقة والقدرة على المخالطة الاجتماعية، فيمكن أن يتحوّل بسرعة إلى مدمن ويعاني من مشكلات خطيرة في الصحة العقلية، بل ومن إصابات في المخ''.مورّدون مراوغون وسريعو التكيّفيبدو أنّ إنتاج المنشطات الأمفيتامينية قد استقر عالميا عند نحو 500 طن في السنة، ولكن مع اختلافات جغرافية ملحوظة - بحسب التقرير - فمقابل الانخفاض في عدد المختبرات المضبوطة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، ارتفع إنتاج المنشطات الأمفيتامينية في البلدان المجاورة، مثل كندا والمكسيك في أميركا الشمالية، وتركيا في جنوب شرق أوروبا، وشهدت الآونة الأخيرة أكبر ضبطية للاكستاسي سُجّلت حتى الآن، إذ بلغ وزنها 4,4 أطنان، وكانت هذه الكمية قادمة من أوروبا الغربية وضبطت في أستراليا.وعلى خلاف المخدرات النباتية، مثل الكوكايين و الهيروين، يصعب تعقُّب آثار إنتاج المخدرات الاصطناعية لأنّ مكوناتها متاحة في كل مكان للأغراض الصناعية المشروعة، وغالبا ما تكون سلاسل الإمداد قصيرة. إذ يمكن صنع الميثامفيتامين في المطبخ ويمكن ضغط الأقراص في أي مرآب. وقال كوستا إنّ ''الموردين يتكيفون سريعا مع آخر الاتجاهات ويلبون احتياجات الأسواق المحلية، وعندما يُغلق مختبر يُفتح آخر، وعندما لا يجد المنتجون أحد السلائف الكيميائية يستخدمون بديلا له''.ولاحظ مسؤول الأمم المتحدة الأول عن شؤون مكافحة المخدرات، أن هذا الأمر ''يمثل تحديا لأجهزة إنفاذ القانون لأن الإنتاج قريب جدا من منافذ البيع بالتجزئة، ويجب بالتالي التركيز بقدر أكبر على الوقاية''.ونبّه المدير التنفيذي للمكتب إلى أنّ ''المخدرات الاصطناعية كانت قبل عشر سنوات مجرد صناعة منزلية، أمّا الآن فقد أصبحت صناعة كبيرة تتحكم فيها عصابات الجريمة المنظمة التي لها ضلع في جميع مراحل هذه التجارة غير المشروعة - من تهريب السلائف الكيميائية إلى صناعة المخدرات والاتجار بها''، مضيفا أنّ ''هذا الأمر أخذ يُحدث تغيرات سريعة في أسواق المنشطات الامفيتامينية، وكذلك في حجم المختبرات السرية ودرجة تطورها''.وأضاف كوستا أنّ ''الأفيون والكوكا يزرعان في الغالب في مناطق خارجة عن السيطرة الحكومية، مثل المناطق غير المستقرة في أفغانستان وكولومبيا، وينطبق هذا النمط أيضا على المنشطات الأمفيتامينية''. ويشير التقرير إلى ''انتقال المختبرات ذات الأحجام الصناعية التي يمكنها إنتاج مئات الملايين من الأقراص، إلى أجزاء من العالم حيث أجهزة إنفاذ القانون ضعيفة أو مرتشية أو حيث المسؤولون المحليون فيها متواطئون مع أصحاب هذه المختبرات''.غياب الإرادة والمعلومات والمواردوأشار كوستا إلى أن ''البلدان التي تواجه هجمة المنشطات الأمفيتامينية على أشدّها هي أيضا أقل البلدان استعدادا للتغلب عليها، وبعض البلدان لا يريد الإقرار بوجود هذه المشكلة فلا يبلّغ الأمم المتحدة بالحالة السائدة لديه، فيما يفتقر البعض الآخر إلى وسائل مكافحة هذا الوباء، من حيث إمكانات جمع المعلومات والأطر التنظيمية والتحليل الجنائي والرعاية الصحية''.برنامج «سمارت»ولفت كوستا إلى أن ''العالم ينبغي أن يكون فطنا لمشكلة المنشطات الأمفيتامينية قبل أن تخرج عن زمام السيطرة''، ولذلك أطلق كوستا في بانكوك برنامج ''سمارت'' ويعني بالرصد العالمي للمخدرات الاصطناعية، ويهدف إلى ''التقليل من العجز في المعلومات المتعلقة بالمنشطات الأمفيتامينية حول العالم، بالعمل مع الحكومات - ولاسيما في المناطق المعرّضة لهذه المشكلة - لتحسين قدرتها على جمع وتحليل وتبادل المعلومات عن منتجــــــات المنشـــــــطات الأمفيتامينيــــــة وتعاطيهـــــا ودروب الاتجار بها''.